ترتبط حرية النقابات بحرية الرأي والتعبير وحرية التجمّع والتظاهر السلمي والوصول إلى المعلومات وغيرها. ويرجع ذلك إلى التكامل بين مختلف الحريات والحقوق المترابطة وغير القابلة للتجزئة. ومن البديهي ألّا يكون لحرية تكوين الجمعيات والنقابات من معنى في غياب الحقّ في التجمع السلمي والتظاهر وحرية التعبير والرأي والمعتقد والضمير والصحافة والحقّ في الحصول على المعلومة وفي المشاركة وغيرها. تحتل النقابات موقع محوري ضمن منظومة حقوق الإنسان لهذا من الضروري أن تتمتع ببيئة محفزّة و تمكينية وإطارٍ قانوني يوفّر لها أنواع الحماية والضمانات الضروري.
من هذا المنطلق، على الدولة ألا تفرض على حريّة العمل الجمعياتي والنقابي قيوداً من شأنها أن تُفرِغها من محتواها إلاّ وفق ما يُجيزه القانون الدّولي لحقوق الإنسان وبناء على ضرورة يُقرّها المجتمع الديمقراطي، وفي حدود احترام شرط التناسب الذي يَفرِض على الدول الالتزام بتدابير تتناسب والأهداف المشروعة لحماية الأمن الوطني أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
يصدر هذا التقرير في وقت له أهميته، بعد أن صدر قرار من النائب العام في المملكة الأردنية الهاشمية بإغلاق النقابة العمالية المستقلة المنتخَبَة التي تمثّل المعلمين في جميع أنحاء الأردن. وقد صدر هذا القرار بعد أن داهمت الشرطة مقر “نقابة المعلمين الأردنيين” في عمان و11 من فروعها في مختلف أنحاء البلاد، واغلقتها، واعتقلت جميع أعضاء مجلس النقابة في 25 يوليو/تموز 2020.
تشكّل هذه الإجراءات الحكومية الأردنية ضد نقابة المعلمين انتهاكاً خطيراً للحق في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والنقابات، وتُعّد تدخّلا غير قانوني في عمل نقابة المعلمين الأردنية كنقابة عمالية مستقلة. وبناءً عليه، “يعّد إغلاق النقابة أحد أشد أنواع القيود المفروضة على حرية تكوين النقابات، ولا يمكن تبريره إلا في الحالات الاستثنائية للغاية”.